بمجامع القلوب والعيون، فصوتها وجمالها فتنةٌ لكل مفتون، هذا إلى ما يقترن بذلك من الدفوف المجلْجِلات، والشبابات المُطرِبات، والمواصِيل المهيِّجات.
فحاشا الشافعي وغيره من أئمة المسلمين، بل ومن له نصيبٌ من العلم والدين، أن ينسبوا إباحةَ مثل هذا إلى شريعة رب العالمين، وسنة رسوله الأمين، الذي فرقتْ رسالتُه بين الهدى والضلال، والغيِّ والرشاد، والشكِّ واليقين.
ومن أبطل الباطل وأبين المحال: الاستدلالُ على حِلِّ هذه العظائم بغناء جُويريتين دون البلوغ من جواري الأنصار في يوم عيد، بأبيات من أشعار العرب في وصف الحرب والشجاعة والبأس ونحو ذلك، غناءً مجردًا عن جميع ما عليه سماع الفساق المبطلين مما ذكرناه وغيره.
قال جعفر بن محمد: قلت لأبي عبدالله -يعنى أحمد بن حنبل-: حديث الزهري عن عروة عن عائشة، وهشام عن أبيه عن عائشة عن جَوارٍ يُغنِّين، أَيْش هذا الغناء؟ قال: غناء الراكب، أتيناكم أتيناكم (¬1).
قال الخلال (¬2): أنا أحمد بن الفرج الحمصي، قال يحيى بن سعيد:
¬__________
(¬1) انظر "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" للخلال (ص 164)، و"تلبيس إبليس" لابن الجوزي (ص 225).
(¬2) في الأصل: "خلال". والنص في المصدر السابق (ص 163)، و"تلبيس إبليس" (ص 225). والحديث أخرجه أبو الشيخ من طريق بهية عن عائشة، كما في "فتح الباري" (9/ 225). وله طرق أخرى، وأصله عند البخاري (5162) من طريق عروة عن عائشة مختصرًا.