كتاب الكلام على مسألة السماع (اسم الجزء: 1)

سماع الناس التغزلُ بالذكور، وذكر محاسنهم، وما يدعو إلى ما لعن الله عليه فاعله وغضب عليه، وكان غناء الناس قديمًا كله في الإناث، ثمّ خسفَ الله بعقول المتأخرين وقلوبهم، فصار غناؤهم في الذكور، ووصف محاسنهم وقدودهم وشعورهم وخصورهم. فيا عجبًا! أي إيمان وأي حال صحيح يحدث عند سماع قول المغني المليح الصورة أو المليحة بين تلك المواصيل والدفوف والألحان؟
تبَّت يَدَا عاذلي فيه ووَجنتُه ... حَمَّالة الوردِ لا حَمَّالة الحطَبِ (¬1)
وقوله (¬2):
ذهبيُّ اللونِ تحسبُ من ... وجنتيهِ النارُ تنقدحُ
خوَّفوني من فضيحتهِ ... ليتَه وافىَ وأَفتضِحُ
وقوله (¬3):
يا ذا الذي زارَ وما زارَا ... كأنه مقتبِسٌ نارَا
مرَّ بباب الدار مستعجلًا ... ما ضرَّه لو دخل الدارَا
¬__________
(¬1) البيت لابن سهل في "ديوانه" (1/ 16) ولابن الوردي في "خزانة الأدب" لابن حجة (2/ 105).
(¬2) البيتان لكشاجم في ديوانه (ص 69)، وبلا نسبة في "تفسير القرطبي" (13/ 80) و"تلبيس إبليس" (ص 226، 246).
(¬3) البيتان لأبي الشيص في "ديوانه" (ص 53) و"معاهد التنصيص" (4/ 55)، وبلا نسبة في "المحب والمحبوب" (2/ 36) و"الإمتاع والمؤانسة" (2/ 173) و"ذم الهوى" (ص 550).

الصفحة 63