كتاب الروح - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

ورأى حماد بن سلمة في النوم بعض أصحابه، فقال له: ما فعل الله بك؟
فقال: قال لي: طالما كددت نفسك في الدنيا، فاليوم أطيل راحتك وراحة
المتعبين.
وهذا باب طويل جدا. فإن لم تسمح نفسك بتصديقه، وقلت: هذه
منامات، وهي غير معصومة، فتأمل من رأى صاحبا له أو قريبا أو غيره،
فاخبره بامر لا يعلمه إلا صاحب الرويا، أو أخبره بمال دفنه هو او غيره، أ و
حذره من أمر يقع، أو بشره بأمر يوجد، فوقع كما قال؛ أو أخبره بأنه يموت
هو أو بعض [18 أ] أهله إلى كذا وكذا، فيقع كما أخبر؛ أو خبره بخصب أ و
جدب أو عدو أو نازلة أو مرض يعرض له (1)، فوقع كما أخبر. والواقع من
ذلك لا يحصيه إلا الله، والناس مشتركون فيه، وقد رأينا نحن وغيرنا من
ذلك عجائب.
وأبطل (2) من قال: إن هذه كلها علوم وعقائد في النفس تظهر لصاحبها
عند انقطاع نفسه عن الشواغل البدنية بالنوم. وهذا عين الباطل والمحال،
فإن النفس لم يكن فيها قط معرفة هذه الأمور التي يخبر بها الميت، ولا
خطرت ببالها، ولا عندها علامة عليها ولا أمارة بوجبما ما.
ونحن لا ننكر أن الأمر قد يقع كذلك، و ن من الرويا ما يكون من حديث
النفس وصورة الاعتقاد. بل كثير من مرائي الناس إنما هي من مجرد صور
اعتقادهم المطابق وغير المطابق، فإن الرؤيا على ثلاثة أنواع: رؤبا من الله،
(1) (ق): "مرض أو بغرض له "، زاد "أو" ثم صخف.
(2) (ن): " وأبطل من ذلك ".
84

الصفحة 84