كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وكان محمد بن أسلم الطُّوسي -الإمام المتفق على إمامته مع رتبته- أتبع الناس للسنة في زمانه، حتى قال: "ما بلغني سنةٌ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا عملت بها, ولقد حرصت على أن أطوف بالبيت راكبًا، فما مُكّنت من ذلك" (¬1).
فسُئل بعض أهل العلم في زمانه عن السّواد الأعظم الذين جاء فيهم الحديث: "إذا اختلف الناس فعليكم بالسواد الأعظم" (¬2): مَنِ السواد الأعظم؟ فقال: "محمد بن أسلم الطُّوسي هو السواد الأعظم" (¬3).
وصدق والله؛ فإن العصر إذا كان فيه إمامٌ عارف بالسنة داعٍ إليها، فهو الحجة، وهو الإجماع، وهو السوادُ الأعظم، وهو سبيل المؤمنين التي من فارقها واتبع سواها ولَّاه الله ما تولي، وأصلاه جهنّم، وساءت مصيرًا.
والمقصود أن من علامات أمراض القلوب عُدُولهَا عن الأغذية النافعة الموافقة لها إلى الأغذية الضارة، وعُدُولهَا عن دوائها النافع إلى دائها الضار، فهنا أربعة أمور: غذاء نافع، ودواء شافٍ، وغذاء ضارٌّ، وداءٌ (¬4) مهلك.
¬__________
(¬1) لم أقف عليه.
(¬2) رواه عبد بن حميد (1218)، وابن ماجه (3950)، وابن أبي عاصم في السنة (84)، وابن عدي في الكامل (6/ 328)، وغيرهم عن أنس رضي الله عنه، وضعفه ابن كثير في تحفة الطالب (37)، والبوصيري في الزوائد، وابن حجر كما في فيض القدير (2/ 431)، وعبد الله الغماري في تخريج أحاديث اللمع (ص 246)، وهو في السلسلة الضعيفة (2896).
(¬3) سئل ابن راهويه: من السواد الأعظم؟ فقال: "محمد بن أسلم وأصحابه ومن تبعه". رواه أبو نعيم في الحلية (9/ 238، 239)، ومن طريقه الذهبي في السير (12/ 196 - 197).
(¬4) ت، ظ، ش: "ودواء".

الصفحة 116