كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
جميع الأحوال، ولم يجرَّها إلى مكروهها في سائر أوقاته، كان مغروراً، ومن نظر إليها باستحسان شيء منها فقد أهلكها" (¬1).
فالنفس داعية إلى المهالك، مُعينةٌ للأعداء، طامحة إلى كل قبيح، متَّبعة لكل سوء؛ فهي تجري بطبعها في ميدان المخالفة.
فالنعمة التي لا خَطَر لها: الخروج منها، والتخلصُ من رِقِّها، فإنها أعظم حجاب بين العبد وبين الله، وأعرفُ الناس بها أشدُّهم إزراءً عليها، ومقتاً لها.
قال ابن أبي حاتم في "تفسيره" (¬2): حدثنا علي بن الحسن (¬3)، حدثنا المُقَدَّمي، حدثنا عامر بن صالح عن أبيه، عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب قال: اللهم اغفر لي ظلمي وكفري، فقال قائل: يا أمير المؤمنين! هذا الظلم، فما بال الكفر؟ قال: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}.
قال: وحدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، عن الصلت بن دينار، حدثنا بقية بن صُهبان (¬4) الهُنائي، قال: سألت عائشة عن قول الله عز وجل: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} الآية [فاطر: 32] فقالت: يا بني! هؤلاء في الجنة، أما السابق بالخيرات فمن مضى
¬__________
(¬1) انظر: الرسالة القشيرية (ص 189)، وأبو حفص هذا هو عمرو وقيل: عمر بن سلمة النيسابوي، له ترجمته في طبقات الصوفية (ص 103 - 159)، وحلية الأولياء (10/ 229 - 230).
(¬2) عزاه إليه في الدر المنثور (5/ 45).
(¬3) ح: "الحسين"
(¬4) ح: "نبهاني".