كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
فسمعت شيخنا يقول: إنما أرادت أني لا أفتح عليَّ هذا الباب، ولم تُرِدْ أنك وحدك البريء من ذلك دون سائر الصحابة.
ومَقْتُ النفس في ذات الله من صفات الصدِّيقين، ويدنو العبد به من الله سبحانه في لحظة واحدة أضعافَ أضعافِ ما يدنو بالعمل.
ذكر ابن أبي الدنيا عن مالك بن دينار، قال: "إن قوماً من بني إسرائيل كانوا في مسجد لهم في يوم عيد، فجاء شاب حتى قام على باب المسجد، فقال: ليس مثلي يدخل معكم، أنا صاحب كذا، أنا صاحب كذا؛ يزري على نفسه، فأوحى الله إلى نبيهم أنّ فلاناً صدِّيق" (¬1).
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن الحسن بن أَتَش، حدثنا منذر، عن وهب: "أن رجلاً سائحاً عبَدَ الله عز وجل سبعين سنة، ثم خرج يوماً، فقلَّلَ عمله، وشكا إلى الله منه، واعترف بذنبه، فأتاه آتٍ من الله فقال: إن مجلسك هذا أحب إليّ من عملك فيما مضى من عمرك" (¬2).
¬__________
(¬1) هو في محاسبة النفس (31) عن إسماعيل بن إبراهيم عن عامر بن يساف عن مالك ابن دينار، ورواه من طريقه ابن الجوزي في ذم الهوى (ص 44)، ورواه أحمد في الزهد (ص 100) عن غسان بن الربيع عن عامر به نحوه. وورد من كلام كعب الأحبار، فرواه ابن المبارك في الزهد (478)، وأبو داود في الزهد (10) عن عبد العزيز بن عبد الصمد، وأبو نعيم في الحلية (5/ 378)، والبيهقي في الشعب (5/ 431) من طريق جعفر بن سليمان، كلاهما عن مالك بن دينارعن معبد الجهني عن أبي العوام عن كعب الأحبار قولَه.
(¬2) الزهد لأحمد (ص 53)، ورواه أبو داود في الزهد (15) عن محمد بن رافع النيسابوري عن محمد بن الحسن به.