كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وقد جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الاستعاذة من الأمرين؛ في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه، عن أبي هريرة: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله! - صلى الله عليه وسلم - علِّمني شيئاً أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيتُ؟ قال: "قل: اللهم عالِمَ الغيب والشهادة! فاطر السماوات والأرض! ربَّ كل شيء ومليكَه! أشهد أن لا إله إلا أنت؛ أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشِرْكه، وأن أقترف على نفسي سوءاً، أو أجُرّه إلى مسلم. قله إذا أصبحت، وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعك" (¬1).
فقد تضمن هذا الحديث الشريف الاستعاذة من الشر وأسبابه وغايته: فإن الشر كله إما أن يصدر من النفس أو من الشيطان، وغايته: إما أن تعود على العامل، أو على أخيه المسلم، فتضمن الحديث مصدري الشر اللذين يصدر عنهما، وغايتيه اللتين يصل إليهما.

فصل
قال تعالي: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ
¬__________
(¬1) سنن الترمذي (3392)، وليس فيه قوله: "وأن أقترف على نفسي سوءاً أو أجره إلى مسلم "، ورواه أيضًا الطيالسي (9، 2582)، وابن أبي شيبة (5/ 322، 6/ 34)، وأحمد (1/ 9، 10، 2/ 297)، والدارمي (2689)، والبخاري في الأدب المفرد (1202، 1203)، وأبو داود (5067)، والنسائي في الكبرى (7715، 9839، 10631)، وأبو يعلى (77)، وغيرهم، وصححه ابن حبَّان (962)، والحاكم (1892)، والنووي في الأذكار (212، 274)، وابن دقيق العيد في الاقتراح (ص 128)، وابن القيم في الزاد (2/ 332)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 363)، وهو في السلسلة الصحيحة (2753).

الصفحة 156