كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

أظهرتُ لكم حجةً إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي، وصدقتم مقالتي، واتبعتموني بلا برهان ولا حجة.
وأما السلطان الذي أثبته في قوله: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} [النحل: 100]، فهو تسلُّطُه (¬1) عليهم بالإغواء والإضلال، وتمكُّنه منهم، بحيث يؤُزُّهم إلي الكفر والشرك وُيزعِجهم إليه، ولا يدعهم يتركونه، كما قال تعالي: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83]، قال ابن عباس: "تُغريهم إغراءً" (¬2)، وفي رواية: "تُشْلِيهم إشلاءً" (¬3)، وفي لفظ: "تُحرِّضهم تحريضاً" (¬4)، وفي آخر: "تُزعِجهم إلي المعاصي إزعاجاً" (¬5)، وفي آخر؛
¬__________
= عباس قال: "كل سلطان في القرآن فهو حجة"، وهو موصول عند عبد الرزاق في تفسيره (2/ 399)، وابن جرير في تفسيره (19/ 444)، وابن أبي حاتم في تفسيره (5778، 16232)، وغيرهم، وصحّح إسناده ابن كثير في تفسيره (2/ 441)، وابن حجر في الفتح (8/ 391).
(¬1) م: "تسليطه".
(¬2) رواه ابن جرير في تفسيره (18/ 251)، وابن أبي حاتم -كما في فتح الباري (8/ 427) - من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وانظر: معاني القرآن للنحاس (4/ 360).
(¬3) لم أقف عليه من كلام ابن عباس، وورد من تفسير مجاهد، رواه عنه ابن أبي حاتم كما في الدر المنثور (5/ 538)، ومن تفسير ابن زيد، رواه عنه ابن جرير في تفسيره (18/ 252).
(¬4) روى ابن أبي حاتم -كما في الدر المنثور (5/ 538) - عن ابن عباس في قوله تعالي: {تَؤُزهم} قال: "تحرّض المشركين على محمد وأصحابه". وانظر: تفسير ابن كثير (5/ 262).
(¬5) انظر: تفسير الثعلبي (6/ 229)، وتفسير الرازي (21/ 215)، وتفسير القرطبي =

الصفحة 172