كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

"تُوقِدهم" (¬1)؛ أي: تُحرِّكهم كما يحرَّك الماء بالإيقاد تحته.
وقال الأخفش: "تُوهِّجهم" (¬2).
وحقيقة ذلك: أن الأزّ هو التحريك والتهييج، ومنه يقال لغليان القدر: الأزيز؛ لأن الماء يتحرك عند الغليان، ومنه الحديث: "لِجَوفه أزيزٌ كأزيزِ المِرْجَل من البكاء" (¬3).
قال أبو عبيدة (¬4): الأزيز: الالتهاب والحركة، كالتهاب النار في الحطب، يقال: اُزَّ قِدْرَك أي: أَلهْبْ تحتها بالنار؛ وائتزَّت القِدْرُ: إذا اشتد غليانها.
فقد حصل للأزّ معنيان، أحدهما: التحريك، والثاني: الإيقاد والإلهاب، وهما متقاربان، فإنه تحريك خاص بإزعاج وإلهاب.
¬__________
= (11/ 137).
(¬1) رواه عنه ابن الأنباري في "إيضاح الوقف والابتداء". انظر: الدر المنثور (5/ 538).
(¬2) انظر: تفسير الثعلبي (6/ 230).
(¬3) رواه ابن المبارك في الزهد (109)، وأحمد (4/ 25، 26)، وعبد بن حميد (514)، وأبو داود (904)، والترمذي في الشمائل (323)، والنسائي (1214)، وأبو يعلى (1599)، وغيرهم عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه، وصححه ابن خزيمة (900)، وابن حبان (665، 753)، والحاكم (971)، والنووي في رياض الصالحين (450) وفي غيره، وابن دقيق العيد في الاقتراح (ص 96)، وابن رجب في فتح الباري (4/ 245)، وقال ابن حجر في الفتح (2/ 206): "إسناده قوي"، وهو في صحيح الترغيب (544، 3329).
(¬4) انظر: تهذيب اللغة (13/ 281). واختصر المؤلف أقوال العلماء في تفسير "الأزّ" من البسيط للواحدي (14/ 324، 325).

الصفحة 173