كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر: 16]، وهذا السياق لا يختص بالذي ذُكرت عنه هذه القصة (¬1)، بل هو عامّ في كل من أطاع الشيطان في أمره له بالكفر، لينصره ويقضي حاجته؛ فإنه يتبرأ منه ويُسْلمه كما يتبرأ من أوليائه جملةً في النار، ويقول لهم: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} [إبراهيم: 22]، فأوردهم شرَّ الموارد، وتبرأ منهم كلَّ البراءة.
وتكلَّم الناس في قول عدو الله: {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ} (¬2):
فقال قتادة (¬3)، وابن إسحاق (¬4): "صدق عدو الله في قوله: {إِنِّي أَرَى مَا
¬__________
(¬1) هذه القصة وردت في حديث مرفوع رواه ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان (61)، والبيهقي في الشعب (4/ 372) عن عبيد بن رفاعة يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعبيد ولد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يصحّ سماعه، ولذا حكم العراقي في تخريج الإحياء (2/ 719) على الحديث بالإرسال. ووردت عن عددٍ من الصحابة: فرواها عبد الرزاق في تفسيره (3/ 285)، وابن جرير في تفسيره (23/ 294 - 295) وغيرهم عن علي رضي الله عنه، وعن عبد الرزاق رواه ابن راهويه -كما في إتحاف الخيرة (5857) -، والبيهقي في الشعب (4/ 373)، وصححه الحاكم (3801)، ورواها ابن جرير أيضًا (23/ 295) عن ابن مسعود رضي الله عنه، ورواها ابن جرير (23/ 295 - 296)، والثعلبي في تفسيره (9/ 284, 285) من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما. ووردت أيضًا عن بعض التابعين.
(¬2) أكثر الأقوال المذكورة هنا في البسيط للواحدي (10/ 191 - 192).
(¬3) رواه ابن جرير في تفسيره (13/ 9)، وابن أبي حاتم في تفسيره (9164) من طريق يزيد بن زريع عن سعيد عنه، وعزاه في الدر المنثور (4/ 79) لأبي الشيخ.
(¬4) سيرة ابن هشام (3/ 285)، ورواه ابن جرير في تفسيره (13/ 8) عن ابن حميد عن سلمة عنه.

الصفحة 191