كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
قال أبو عبيدة (¬1): خذلهما وخلّاهما، من تَدْلِيةِ الدلو، وهو إرسالها في البئر.
وذكر الأزهري (¬2) لهذه اللفظة أصلين: أحدهما؛ قال: أصله الرجل العطشان يتدلى في البئر ليروَى من الماء، فلا يجد فيها ماءً، فيكون قد تدلى فيها بالغرور، فوُضِعَت التدلية موضع الإطماع فيما لا يجُدي نفعًا، فيقال: دَلّاه، إذا أطمعه، ومنه قول أبى جندب الهذلي:
أَحُصُّ فَلَا أُجِيرُ وَمَنْ أُجِرْهُ ... فَلَيْسَ كَمَنْ تَدَلَّى بِالْغُرُورِ (¬3)
أحُصُّ أي: أقطع.
الثاني: فدلَّاهما بغرور؛ أي: جرّأهما على أكل الشجرة، وأصله: دلَّلهما من الدلال والدالَّة، وهى الجراءة.
قال شَمرٌ: يقال: ما دلَّك عليّ، أي: ما جرّأك علي، وأنشد لقيس بن زهير:
أَظن الحِلْمَ دَلَّ عَلَيَّ قَوْمِي ... وَقَدْ يُسْتَجْهَلُ الرَّجُلُ الحَلِيمُ (¬4)
¬__________
(¬1) لم أجد قوله في مجاز القرآن. والمؤلف نقله من البسيط للواحدي (9/ 66) كما نقل منه الأقوال الأخرى.
(¬2) تهذيب اللغة (14/ 172).
(¬3) البيت له في شرح أشعار الهذليين (1/ 355)، ومجمل اللغة (2/ 14)، ولسان العرب (دلا). وفيها: "يُدلىَّ".
(¬4) البيت لقيس في الحماسة (1/ 240)، والنقائض (1/ 97)، والفاخر (ص 227)، والعقد الفريد (5/ 157)، والأغاني (17/ 206)، والموفقيات (ص 198)، وأمالي القالي (1/ 261)، وشرح المفضليات (ص 694)، واللسان (دلل)، وهو للربيع بن زياد في خزانة الأدب (3/ 538).