كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

قلت: أصل التدلية في اللغة: الإرسال والتعليق، يقال: دلىّ الشيء في مهْوَاة؛ إذا أرسله بتعليق، وتدلى الشيء بنفسه، ومنه قوله تعالى: {فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ} [يوسف: 19].
قال عامة أهل اللغة: يقال: أدلى دلوه؛ إذا أرسلها في البئر، ودَلَاها بالتخفيف: إذا نزعها من البئر، فأدلى دلوه يُدلِيه إدلاءً: إذا أرسلها، ودَلًاها يَدْلوها دلوًا: إذا نزعها وأخرجها، ومنه الإدلاء، وهو التوصل إلى الرجل برحمٍ منه.
ويشاركه في الاشتقاق الأكبر: الدلالة، وهي التوصل إلى الشيء بإبانته وكشفه، ومنه الدَّلُّ، وهو ما يدل على العبد من أفعاله، وكان عبد الله بن مسعود يُشبَّه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في هَديه ودلِّه وسمْتِه (¬1)، فالهدي: الطريقة التي عليها العبد من أخلاقه وأقواله وأعماله، والدلّ: ما يدل من ظاهره على باطنه، والسّمت: هيأته ووقاره ورزانته.
والمقصود ذكر كيد عدوّ الله ومكره بالأبوين.
قال مُطرِّف بن عبد الله (¬2): قال لهما: إني خُلِقتُ قبلكما، وأنا أعلم منكما، فاتَّبعاني أُرشدكما، وحلف لهما، وإنما يُخدَع المؤمن بالله.
قال قتادة (¬3): "وكان بعض أهل العلم يقول: من خادَعَنا بالله خُدِعْنا"،
¬__________
(¬1) أخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 320) عن علقمة.
(¬2) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (8296) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عنه.
(¬3) رواه ابن جرير في تفسيره (12/ 351)، وابن أبي حاتم في تفسيره (8296) من طريقين عن سعيد عنه، وعزاه في الدر المنثور (3/ 431) لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ.

الصفحة 201