كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

لدلالة هذا الخبر الذي لا يُعلم إلا من جهة الرسول على صدقه، فلا يرتاب من قد عرف صحة هذا الخبر بعدُ في صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - = ظهرت فائدة ذكره.
والمقصود ذكر مرض القلب وحقيقته.
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57]؛ فهو شفاء لما في الصدور من مرض الجهل والغَيّ، فإن الجهل مرض؛ شفاؤه العلم والهدى، والغي مرض؛ شفاؤه الرشد. وقد نزَّه الله سبحانه نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - عن هذين الداءين، فقال: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم: 1، 2]، ووصف رسوله - صلى الله عليه وسلم - خلفاءه بضدهما فقال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي" (¬1)، وجعل كلامه سبحانه موعظة للناس عامة، وهدى ورحمة
¬__________
(¬1) رواه أحمد (4/ 126، 127)، وأبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجة (42، 43، 44)، وغيرهم من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وصححه البزار كما في جامع كان العلم (2/ 348)، وأبو العباس الدغولي كما في إجمال الإصابة (ص 49)، وابن حبان (5)، والحاكم (1/ 174)، وأبو نعيم كما في جامع العلوم والحكم (ص 258)، وابن عبد البر (2/ 182، 348)، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير (1/ 472)، وابن تيمية في منهاج السنة (4/ 164) وفي غيره، والذهبي في السير (18/ 190)، وابن الملقن في البدر المنير (9/ 582)، والعراقي في الباعث على الخلاص (1)، وابن حجر في موافقة الخُبر الخَبر (1/ 136)، والشوكاني في إرشاد الفحول (1/ 95، 221، 2/ 189)، وحسَّنه ابن القيم في إعلام الموقعين (4/ 145)، وهو في السلسلة الصحيحة (937، 2735).

الصفحة 21