كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
فنهى الله سبحانه عن سَبٍّ آلهة المشركين: لكونه ذريعةً إلى أن يَسُبُّوا الله سبحانه وتعالى عَدوًا وكُفرًا، على وَجْهِ المقابلة.
وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -أن "من أكبر الكبائر شَتْم الرجل والديه"، قالوا: وهل يَشتُمُ الرجل والديه؟ قال: "نعم، يَسُبّ أبا الرجل فيَسُبّ أباه، ويسبّ أمّه فيسُب أمه" (¬1).
ولما جاءت صفية تزوره - صلى الله عليه وسلم -وهو معتكف؛ قام معها ليوصلها إلى بيتها، فرآهما رجلان من الأنصار فقال: "على رِسْلكما! إنها صفية بنتُ حُيَيٍّ"، فقالا: سبحان الله يا رسول الله! فقال: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيتُ أن يَقذِف في قلوبكما شرًّا" (¬2).
فسدّ الذريعة إلى ظنهما السوء بإعلامهما أنها صفية.
وأمسك - صلى الله عليه وسلم - عن قتل المنافقين مع ما فيه من المصلحة؛ لكونه ذريعةً إلى التنفير، وقول الناس: إن محمدًا يقتل أصحابه (¬3).
وحرّم القَطْرَة من الخمر، وإن لم يحصل بها مفسدة الكثير؛ لكون قليلها ذريعةً إلى شرب كثيرها (¬4).
وحرم إمساكها للتخليل (¬5)، وجعلها نجسة؛ لئَلا تفضي مُقاربتُها بوجه من الوجوه إلى شربها.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (5973)، ومسلم (90) عن عبد الله بن عمرو.
(¬2) أخرجه البخاري (2038 ومواضع أخرى)، ومسلم (2175) عن صفية.
(¬3) أخرجه البخاري (3518)، ومسلم (2584) عن جابر.
(¬4) أخرجه أبو داود (3681)، والترمذي (1865)، وابن ماجه (3393) عن جابر، ولفظه: "ما أسكر كثيره فقليله حرام". وإسناده حسن.
(¬5) أخرجه مسلم (1983) عن أنس.