كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

قال زيد بن أسْلم: كان ربا الجاهلية: أن يكون للرجل على الرجُل الحقُ إلى أجل، فإذا حلّ الحقّ قال له غريمه: أتقضي أم تُربي؟ فإن قضاه أخذه، وإلا زاده في حقه، وأخّر عنه في الأجل، رواه مالك (¬1).
وهذا الربا مُجمَعٌ [89 ب] على تحريمه وبطلانه، وتحريمه معلومٌ من دين الإسلام، كما يُعلم تحريمُ الزنى، واللواط، والسرقة.
قالوا: فنقصُ الأجل في مقابلة نقصِ العِوض كزيادته في مقابلة زيادته، فكما أن هذا ربا، فكذلك الآخر.
قال المبيحون: صحّ عن ابن عباس (¬2) رضي الله عنهما: أنه كان لا يرى بأسًا أن يقول: أُعَجّل لك وتضعُ عني، وهو الذي روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمّا أمر بإخراج بني النضير من المدينة جاءه ناسٌ منهم، فقالوا: يا رسول الله! إنك أمرت بإخراجهم، ولهم على الناس ديون لم تحلّ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ضعوا وتعجّلوا".
¬__________
(¬1) رواه مالك (1353) عنه، ومن طريق مالك رواه البيهقي في الكبرى (5/ 275). ورواه الطبري في تفسيره (7826) من طريق ابن وهب عن ابن زيد عن أبيه قال: "إنما كان الربا في الجاهلية في التضعيف وفي السن"، ثم بيّن ذلك.
(¬2) رواه عبد الرزاق (8/ 72)، والطحاوي في شرح المشكل (11/ 61)، والبيهقي في الكبرى (6/ 28) من طريقين عن عمرو بن دينار عن ابن عباس. ورواه عبد الرزاق (8/ 72) عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس. ورواه عبد الرزاق (8/ 429) وابن أبي شيبة (4/ 471) - ومن طريقه البيهقي (10/ 335) - من طريق جابر الجعفي عن عطاء عن ابن عباس في الرجل يقول لمكاتبه: عجِّل لي وأضع عنك: لا بأس به، وعزاه البوصيري في الإتحاف (5/ 461) للحاكم.

الصفحة 682