كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

المثال الثلاثون: إذا تزوجها على أن لا يخُرجها من دارها أو بلدها، أو لا يتزوج عليها، ولا يتسرى عليها، فالنكاح صحيحٌ، والشرط لازمٌ.
هذا إجماع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين؛ فإنه صحّ عن عمر (¬1)، وسعد (¬2)، ومعاوية (¬3)، ولا مُخالف لهم من الصحابة، وإليه ذهب عامةُ التابعين، وقال به أحمد.
وخالف في ذلك الثلاثة، فأبطلوا الشرط، ولم يوجبوا الوفاء به.
فإذا احتاجت المرأة إلى ذلك، ولم يكن عندها حاكمٌ يرى صحة ذلك ولزومه، فالحيلة لها في حصول مقصودها: أن تمتنع من الإذن، إلا أن تشترط بعد العقد أنه إن سافر بها، أو نقلها من دارها، أو تزوج عليها فهي طالق، أو لها الخيار في المُقام معه، أو الفسخ، فإن لم تثق به أن يفعل ذلك فإنها تطلب مهرًا كثيرَا جدًّا إن لم يفعل، وتطلب ما دونه إن فعل، فإن شرط
¬__________
(¬1) علّقه البخاري عن عمر مجزومًا به في كتابي الشروط والنكاح، باب: الشروط في المهر، وباب: الشروط في النكاح، وهو موصول عند عبد الرزاق (6/ 227، 228)، وسعيد بن منصور (662، 663، 680)، وابن أبي شيبة (3/ 499، 4/ 451)، والبيهقي في الكبرى (7/ 249)، وابن عبد البر في التمهيد (18/ 168)، وغيرهم، وصححه الألباني في الإرواء (1893).
(¬2) رواه ابن أبي الدنيا في المحتضرين (256) وفي غيره من طريق ابن المبارك عن داود بن قيس عن أمه عن سعد، وفيه قصة، ومن طريق ابن أبي الدنيا رواه ابن
عبد البر في التمهيد (18/ 168 - 169) وابن عساكر في تاريخ دمشق (20/ 350).
(¬3) روى عبد الرزاق (6/ 228)، وسعيد بن منصور (664)، وابن أبي شيبة (3/ 499)، وابن حزم في المحلى (9/ 517) من طريق سعيد بن منصور، وغيرهم عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال: أتي معاوية في امرأة شرط لها زوجها أن لها دارَها، فسأل عمرو بن العاص فقال: أرى أن يفي لها شرطها.

الصفحة 694