كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثٌ جِدّهنّ جِدٌّ، وهَزْلهُنّ جِدٌّ: النكاحُ، والطلاقُ، والرّجعةُ".
المثال الثالث والأربعون: إذا كان الرجل حَسَن التصرف في ماله، غيرَ مبذّرٍ له، فرُفع إلى الحاكم، وشُهِدَ أنه مُبَذّر، فخاف أن يحجُر عليه، فقال: إن حجرت علي فعبيدي أحرارٌ، ومالي صدقةٌ على المساكين، لم يَملك القاضي أن يحجُر عليه بعد ذلك؛ لأنه إنما يحجرُ عليه صيانةً [93 أ] لماله، وفى الحجر عليه إتلاف ماله، فهو يعودُ على مقصود الحجر بالإبطال.
المثال الرابع والأربعون: يصحّ الصلح عندنا وعند أبي حنيفة ومالك على الإنكار، فإذا ادّعى عليه شيئًا فأنكره، ثم صالحه على بعضه جاز.
والشافعي لا يُصَحّح هذا الصلح؛ لأنه لم يَثُبتْ عنده شيء، فبأيّ طريق يأخذ ما صالحه عليه؟ بخلاف الصلح على الإقرار، فإنه إذا أقرّ له بالدَّين أو العين، فصالحه على بعضه، كان قد وهبه، أو أبرأهُ من البعض الآخر.
والجمهور يقولون: قد دل الكتاب والسنة والقياسُ على صحة هذا الصلح؛ فإن الله سبحانه وتعالى ندب إلى الإصلاح بين الناس، وأخبر أن الصلح خير، وقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 10]،
¬__________
= والبيهقي في الكبرى (7/ 340)، وغيرهم من طريق عبد الرحمن بن حبيب عن عطاء بن أبي رباح عن ابن ماهك عن أبي هريرة، قال الترمذي: "حسن غريب"، وصححه ابن الجارود (712)، والحاكم (2800)، وابن دقيق العيد في الإلمام (1334)، قال الذهبي: "عبد الرحمن بن حبيب فيه لين"، وضعف إسناده ابن الملقن في البدر المنير (8/ 82)، وحسنه بشواهده الألباني في الإرواء (1826). وفي الباب عن عبادة بن الصامت وفضالة بن عبيد وأبي ذر وأبي الدرداء وعن الحسن مرسلاً. وقد أبعد من بالغ وزعم أنه مكذوب.