كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
المغصوب منه بالثمن الذي دفعه إليه.
المثال الخامس والسبعون: إذا أقرضه مالًا وأجَّله لزم تاجيله على أصح المذهبين، وهو مذهب مالك، وقولٌ في مذهب أحمد.
والمنصوص عنه: أنه لا يتأجل، كما هو قول الشافعي، وأبي حنيفة.
ويدل على التأجيل قوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2، 3]، وقوله: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمون عند شُروطهم" (¬1)، وقوله: "آية المنافق ثلاثٌ: إذا حدّث كذَبَ، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف" (¬2)، وقوله: "يُنْصَبُ لكلِّ غادر لوا" عند اسْتهِ يومَ القيامة بقدر غَدْرَته" (¬3)، وقوله: "لا تغدروا" (¬4)، وقوله: "إن الغدر لا يصلح" (¬5)، وقوله في صفة المنافق: "إذا وعد أخلف"، وإخلاف الوعد مما فطر الله العباد على ذَمّه واستقباحه، وما رآه المؤمنون قبيحًا فهو عند الله قبيح.
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه.
(¬2) أخرجه البخاري (33)، ومسلم (59) عن أبي هريرة.
(¬3) أخرجه البخاري (711)، ومسلم (1735) عن ابن عمر.
(¬4) أخرجه مسلم (1731) عن بريدة.
(¬5) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وروى الطبري في تاريخه (2/ 124 - 125) من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، فذكر قصة الحديبية، وفيها قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بصير: "ولا يصلح لنا في ديننا الغدر". وانظر: السيرة النبوية لابن هشام (4/ 292).