كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
وهذا القول أصح الأقوال وأسدُّها، وأوفقها لقواعد الشريعة وأُصولها، وبه تجتمع الأحاديث.
فإنه قد روى أبو داود في "سننه" (¬1) من حديث يوسف بن ماهَك، قال: كنت أكتب لفلان نفقة أيتامٍ كان وَليَّهم، فغالطوه بألف درهم، فأدّاها إليهم، فأدركتُ له من أموالهم مثلها، فقلت: اقبض الألف الذي ذهبوا به منك، قال: لا، حدّثني أبي، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أدِّ الأمانة إلى مَنِ ائتمنك، ولا تخنْ من خانك".
وهذا وإن كان في حكم المنقطع فإن له شاهدًا من وجه آخر، وهو حديث طَلْق بن غَنّام (¬2). أخبرنا شريك، وقيس، عن أبي حَصين، عن أبي
¬__________
(¬1) سنن أبي داود (3536)، ورواه أيضًا أحمد (3/ 414)، والدولابي في الكنى (359)، والبيهقي في الكبرى (15/ 275) من طريق أبي داود وقال: "هذا الحديث في حكم المنقطع؛ حيث لم يذكر يوسف بن ماهك اسمَ من حدّثه، ولا اسمَ من حدَّث عنه من حدثه"، وقال ابن السكن كما في البدر المنير (7/ 300): "رُوِي من أوجه ثابتة".
(¬2) رواه الدارمي (2597)، وأبو داود (3537)، والترمذي (1264)، والطحاوي في شرح المشكل (5/ 91، 92)، والطبراني في الأوسط (3595)، والدارقطني (3/ 35)، والبيهقي (15/ 271) وقال: "قيس ضعيف؛ وشريك لم يحتجّ به أكثر أهل العلم بالحديث، وإنما ذكره مسلم في الشواهد"، ونَقَل عن الشافعي قوله: "ليس بثابت عند أهل الحديث"، ونُقِل عن أحمد أنه قال: "هذا حديث باطل، لا أعرفه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجهٍ صحيح"، واستنكره أبو حاتم كما في العلل (1/ 375)، وضعفه ابن حزم في المحلى (8/ 182)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 593)، وابن القطان في كان الوهم والإيهام (1314)، وقال الترمذي: "حسن غريب"، وصححه الحاكم (2296)، وابن دقيق العيد في الإلمام (1060)، وقواه الذهبي في تلخيص =