كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
الباب التاسع
في طهارة القلب من أدرانه ونجاساته
هذا الباب وإن كان داخلاً فيما قبله، كما بينَّا أن الزكاة لا تحصل إلا بالطهارة، فأفردناه بالذكر لبيان معنى طهارته، وشدة الحاجة إليها، ودلالة القرآن والسنة عليها، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 1 - 4]، وقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 41]، وجمهور المفسرين من السلف ومن بعدهم على أن المراد بالثياب هاهنا القلب، والمراد بالطهارة إصلاح الأخلاق والأعمال.
قال الواحدي (¬1): اختلف المفسرون في معناه، فروى عطاء، عن ابن عباس قال: "يعني: من الإثم ومما كانت الجاهلية تجيزه" (¬2).
وهذا قول قتادة (¬3)، ومجاهد (¬4)، قالا: "نَفْسَك فطهِّرْ من الذنب".
¬__________
(¬1) من هنا إلى ص 92 كله منقول من "البسيط" (22/ 396 - 404).
(¬2) رواه أبو داود في الزهد (353)، وابن جرير في تفسيره (23/ 10، 11)، وابن المنذر في الأوسط (685)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 235)، وصححه الحاكم (3869) على شرطهما، وعزاه في الدر المنثور (8/ 326) للفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم، وليس عند أحد منهم: "ومما كانت الجاهلية تجيزه"، وإنما عند بعضهم: "وهي في كلام العرب: نقيّ الثياب".
(¬3) قول قتادة رواه عبد الرزاق في تفسيره (3/ 327)، وابن جرير في تفسيره (23/ 11)، وعزاه في الدر المنثور (8/ 325) لعبد بن حميد وابن المنذر.
(¬4) قول مجاهد رواه عبد بن حميد كما في الدر المنثور (8/ 327)، وانظر: تفسير البغوي (8/ 264).