كتاب تفسير القرآن العظيم - جزء عم

{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا} أي: مرصدة ومعدة للطاغين تنتظر وتترقب نزلاءها الكفار، وجهنم اسم من أسماء النار التي لها أسماء كثيرة، وسميت بهذا الاسم، لأنها ذات جهمة وظلمة بسوادها وقعرها.
{لِلطَّاغِينَ} أي: للمردة والعصاة المخالفين للرسول.
{مَآبًا} مرجعًا ومنقلبًا ومصيرًا.
{لَابِثِينَ فِيهَا} أي: باقين في جهنم.
{أَحْقَابًا} وهي جمع حقب، وهو المدة من الزمان؛ أي: مددًا طويلة.
ثم ذكر الله عز وجل بعضًا من أحوالهم وشقائهم في هذه النار، وما يجدونه من أنواع العذاب وأصنافه، فقال سبحانه:
{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا} أي: لا يجدون في جهنم بردًا لقلوبهم ولا شرابًا طيبًا يتغذون به.
{إِلَّا حَمِيمًا} ليس لهم إلا هذا الحميم، وهو الماء الحار المنتهي في الحرارة الذي يشوي الوجوه ويقطع الأمعاء.
{وَغَسَّاقًا} الغساق هو شراب منتن الرائحة، شديد البرودة، فيُجمع لهم والعياذ بالله، بين الماء الحار الشديد الحرارة، والماء البارد الشديد البرودة ليذوقوا العذاب من الناحيتين.
وقيل: إن المراد بالغساق صديد أهل النار، وما يخرج من أجوافهم من النتن والعرق وغير ذلك.
{جَزَاءً وِفَاقًا} أي: يجزون بذلك جزاء موافقًا لأعمالهم من غير أن يظلموا فذكر انحرافهم في العقيدة وانحرافهم في القول.

الصفحة 17