كتاب تفسير القرآن العظيم - جزء عم

وإبراهيم وموسى، وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام.
{إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى}
{إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ} ناداه الله عز وجل نداء سمعه بصوت الله عز وجل.
{بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى} الوادي هو مجرى الماء، وطوى هو الوادي المطهر عند جبل الطور في سيناء الذي كلم الله موسى عنده وامتن عليه بالرسالة واختصه بالوحي.
{اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ} ناداه وأمره الله عز وجل أن يذهب إلى فرعون ملك مصر، وكان يقول لقومه إنه ربهم الأعلى.
{إِنَّهُ طَغَى} أي: زاد على حده، وتجبر، وتمرد، وعتا.
{فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} الاستفهام هنا للتشويق وتشويق فرعون أن يتزكى مما هو عليه من الشر والفساد، وأصل الزكاة النمو والزيادة.
{وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ} أي: أدلك إلى عبادة ربك، وإلى دين الله عز وجل، وإلى توحيده، وعبادته، ومرضاته.
{فَتَخْشَى} أي فتخاف الله عز وجل، على علم منك فيصير قلبك خاضعًا له، مطيعًا خاشعًا، لأن الخشية لا تكون إلا بالمعرفة، ولكن فرعون امتنع مما دعاه إليه موسى، والفاء لترتيب الخشية على الهداية لأن الخشية لا تكون إلا من مهتد راشد.
وفي الآيات السابقة من الفوائد: أن الله عز وجل أمر موسى عليه السلام بمخاطبة فرعون بالخطاب اللين، فمخاطبة الرؤساء بالقول اللين أمر مطلوب شرعًا وعقلاً وعرفًا، وموسى عليه السلام، امتثل لما أمر به فقال لفرعون {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى}

الصفحة 27