كتاب تفسير القرآن العظيم - جزء عم

{رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} سمك كل شيء: قامته وارتفاعه، ورفعه يعني عن الأرض، ورفعه عز وجل بغير عمد، فجعلها عالية البناء، بعيدة الفناء، مستوية الأرجاء، مكللة بالكواكب في الليلة الظلماء.
{فَسَوَّاهَا} أي: جعلها مستوية تامة كاملة محكمة.
{وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا} أظلم ليلها فأصبح لا يرى إلا الظلام الأسود الحالك.
{وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} أي: أبرز نهارها المضيء بإضاءة الشمس، فسار الناس في مصالح دينهم ودنياهم ومعاشهم وأرزاقهم.
{وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ} أي: بعد خلق السماوات والأرض.
{دَحَاهَا} أي: بسط الأرض وأودع فيها منافعها.
{أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا} أي: فجر من الأرض الأنهار والعيون، وأخرج منها مرعاها، أي: النبات الذي يرعى.
{وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} أي: جعلها راسية ثابتة في الأرض.
{مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} أي: كل هذه النعم العظيمة جعلها لكم ولدوابكم وأنعامكم مسخرة مذللة، ينتفع الإنسان بليلها ونهارها وسهولها ومائها ونباتها؛ وكل تلك النعم إلى أجل، ثم تزول.
{فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى * فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَاوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَاوَى}.
{فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى} أي: إذا جاءت القيامة الكبرى، والشدة العظمة، وسماها طامة لأنها داهية عظيمة تطم كل شيء سبقها.

الصفحة 30