كتاب تفسير القرآن العظيم - جزء عم

{فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَانٌ يُغْنِيهِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ}.
{فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ} يعني: صيحة يوم القيامة التي تصخ الآذان أي: تصمها فلا تسمع، وهذا هو النفخ في الصور.
{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} في ذلك اليوم يفر من أعز الناس إليه، وأشفقهم لديه، وأحبهم إليه، لهول ذلك اليوم، يفر من أخيه شقيقه، أو أبيه أو أمه.
{وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ} الأم والأب المباشر، والأجداد أيضًا والجدات، يفر من هؤلاء كلهم.
{وَصَاحِبَتِهِ} زوجته.
{وَبَنِيهِ} وهم أقرب الناس إليه وأحب الناس إليه والفرار منهم لا يكون إلا لهول عظيم وخطب فظيع.
وقد بدأ بالأخ ثم بالأبوين لأنهما أقرب منه، ثم بالصحابة والبنين لأنهم أحب.
{لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَانٌ يُغْنِيهِ} كل إنسان في ذلك اليوم مشتغل بنفسه لا ينظر إلى غيره، فحينئذ ينقسم الخلق إلى فريقين: سعداء وأشقياء، فأما السعداء فهم كما ذكر سبحانه.
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ} يعني يوم القيامة.
{مُسْفِرَةٌ} من الإسفار وهو الوضوح؛ لأن وجوه المؤمنين تسفر عما في قلوبهم من السرور والانشراح والبهجة مما عرفوا من نجاتهم وفوزهم بالنعيم.

الصفحة 40