كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

واذا كانت هذه حال الكذب والصدق، أفليس من أبطل الباطل دعوى
تساويهما، و ن العقل إنما يؤثر الصدق لتوهم اقترانه بالثناء، وإنما يتجنب
الكذب لتوهم اقترانه بالقيح، كتوهم آقتران اللسع في الحبل المرقش، ورد
ستقباح (1) هذه المفاسد والمقابح التي لا أقبح منها إلى مجرد وهم باطل
يشبه نفرة الطبع عن الحبل المرقش؟!
ونفس العلم بهذه المقالة كاف في ا لجزم ببطلانها.
ولو ذهبنا نعدد قبائح الكذب الناشئة من ذاته وصفاته لزادت على
الالف، وما من عاقل إلا وعنده العلم ببعض ذلك علما ضروريا مركوزا في
فطرته، فما سوى الله بينه وبين الصدق أبدا، ودعوى استوائهما كدعوى
ستواء النور والظلمة، والكفر والإيمان، وخراب العا لم وإ هلاك ا لحرث
والنسل وعمارته، بل كدعوى استواء ا لجوع والشبع، والري والظمأ، والفرح
والغم، ولا فرق عند العقل بين علمه بهذا وهذا.
الوجه ا لحادي والثلاثون: قولكم: "الصدق والكذب متنافيان، ومن
ا لمحال تساوي المتنافيين في جميع الصفات. . ." (2) إلى آخره = إقرار منكم
بالحق، ونقض لما صلتموه.
فانهما إذا كانا متنافيين ذاتا وصفات لم يرجع الفرق بينهما استحسانا
واستقباحا إلى مجرد العادة والمنشأ والمربى أو مجرد التدين بالشرائع، بل
يكون مرجع الفرق إلى ذاتيهما، و ن ذات هذا مقتضية (3) لحسنه وذات هذا
(1) معطوف على: " دعوى تساويهما. . .".
(2) انظر: (ص: 981).
(3) (ت): "مفضية ". في الموضعين.
1047

الصفحة 1047