كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
فليتأمل اللبيب الفاضل ماذا يعود إليه نصر المقالات، و 1 لتعصب لها،
والتزام لوازمها، وإحسان الظن بأربابها بحيث يرى مساوئهم محاسن، وإساءة
الظن بخصومهم بحيث يرى محاسنهم مساوىء، كم أفسد هذا السلوك من
فطرؤ وصاحبها من الذين يحسبون أنهم على شيء، ألا إنهم هم الكاذبون!
ولا تتعجب من هذا؛ فإن مرآة القلب لا يزال يتنفس فيها (1) حتى
يستحكم صدوها، فليس بباع لها أن ترى الاشياء على خلاف ما هي عليها،
فمبد الهدى والفلاح صقال تلك المراة، ومنع الهوى من التنفس فيها، وفتح
عين البصيرة في أقوال من تسيء الظن بهم كما تفتحها في اقوال من تحسن
الظن بهم، وقيامك لله، وشهادتك بالقسط، وأن لا يحملك بغض منازعيك
وخصومك على جحد زيذهم (2)، وتقبيح محاسنهم، وترك العدل فيهم، فإن
الله لا يعتد بتعب من هذا شاع! نه، ولا يجدي علمه نفعا حوج ما يكون إليه،
والله يحب المقسطين، ولا يحب الظالمين.
الوجه الثالث والثلاثون: قولكم: " إن مستند الحكم بقبح الكذب غائبا
قياس الغائب على الشاهد، وهو فاسد".
فيقال: الرب تعا لى لا يدخل مع خلقه في قياس تمثيل ولا قياس شمول
يستوي أفراده، فهذان النوعان من القياس يستحيل ثبوتهما في حقه، و ما
قياس الاولى فهو غير مستحيل في حقه، بل هو واجب له، وهو مستعمل في
حقه عقلا ونقلا:
(1) انظر: "مدارج السالكين " (2/ 473)، و"روضة ا لمحبين " (0 4 1)، و" بدائع الفوائد"
(2 4).
(2) في الاصول: "دينهم) ". و [لمثبت اشبه بالصواب.
0 5 0 1