كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
* أما العقل، فكاستدلالنا على أن معطي الكمال أحق بالكمال، فمن
جعل غيره سميعا بصيرا عالما متكلما حيا حكيما قادرا مريدا رحيما محسنا
فهو أولى بذلك وأحق منه، ويثبت له من هذه الصفات أكملها و تمها.
وهذا مقتضى قولهم (1): "كمال المعلول مستفاد من كمال علته "، ولكن
نحن ننزه الله عز وجل عن إطلاق هذه العبارة في حقه، بل نقول: كل كمال
ثبت للمخلوق غير مستلزم للنقص فخالقه ومعطيه إياه أحق بالاتصاف به،
وكل نقص في المخلوق فالخالق أحق بالتنزه عنه، كالكذب والظلام والسفه
والعبث (2)، بل يجب تنزيه الرب تعالى عن النقائص والعيوب مطلقا وان لم
يتنزه عنها (3) بعض المخلوقين.
وكذلك إذا استدللنا على حكمته تعا لى بهذه الطريق، نحو أن يقال: إذا
كان الفاعل الحكيم الذي لا يفعل فعلا إلا لحكمة وغاية مطلوبة له من فعله
اكمل ممن يفعل لا لغاية ولا لحكمة ولا لأجل عاقبة محمودة وهي مطلوبة
من فعله في الشاهد= ففي حقه تعالى ولى وأحرى، فاذا كان الفعل للحكمة
كمالا فينا فالرب تعا لى أولى به و حق، وكذلك إذا كان التنزه عن الظلم
والكذب كمالا في حقنا قالرب تعا لى أولى وأحق بالتنزه عنه.
* وبهذا ونحوه ضرب الله الامثال في القرآن، وذكر العقول ونبهها
وأرشدها إلى ذلك:
(1) ا ي: ا لفلاسفة. ا نطر: " ا لنبو ات! (93 8)، و" ا لصفد ية " (1/ 1 9، 2/ 6 2)،
و"ا لجواب الصحيح " (3/ 8 0 2)، و" مجموع الفتاوى " (2 1/ 93 1، 6 1/ 358).
(2) مهملة في (د). وفي (ق): "والعيب ". وهو تحريف.
(3) (ت): "ينزه عنها".
1051