كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
وكذلك إذا كان لا يستوي عندكم رجلان أحدهما أبكم لا يعقل ولا
ينطق، وهو مع ذلك عاجز لا يقدر على شيء، واخر على طريق مستقيم في
أقواله وأفعاله، وهو امر بالعدل عامل به لأنه على صراظٍ مستقيم، فكيف
تسوون بين الله وبين الصنم في العبادة؟!
ونظائر ذلك كثيرة في القران وفي الحديث، كقوله في حديث الحارث
الاشعري: " وءان الله أمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وان مثل من أ شرك
كمثل رجل شترى عبدا من خالص ماله، وقال له: آعمل واد إليئ، فكان
يعمل ويؤدي إلى كيره، فايكم يح! ث أن يكون عبده كذلك؟!) " (1).
فالله سبحانه لا تضرب له الامثال التي يشترك هو وخلقه فيها شمولا ولا
تمثيلا، وإنما يستعمل في حقه قياس الاولى كما تقدم.
الوجه الرابع والثلاثون: أن النفاة إنما ردوا على خصومهم من الجهمية
والمعتزلة في إنكارهم الصفات (2) بقياس الغائب على الشاهد (3).
فقالوا: العالم شاهدا من له العلم، والمتكلم من قام به الكلام، والحي
والمريد والقادر من قام به ا لحياة والارادة والقدرة، ولا يعقل إلا هذا.
(1) أخرجه أ حمد (4/ 2 0 2)، والترمذي (2863)، وغير هما.
وصححه الترمذي، وابن خزيمة (0 93)، وابن حبان (6233)، و لحاكم (1/ 18 1)
ولم يتعقبه الذهبي.
(2) (ق): " إنكار الصفات ".
(3) انظر: "التمهيد" للباقلا ني (32)، و"الإرشاد" للجويني (82)، و" نهاية الاقدام "
(171، 182، 186).
1053