كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

ولو خلى بينهم - كما زعمتم - لكانوا بمنزلة الأنعام السائمة، بل لو
تركهم ودواعي طباعهم لاهلك بعضهم بعضا، ولخرب العالم ومن عليه،
بل أ لجمهم لجام العجز والمنع من كل ما يريدون، فلو أنه خلى بينهم وبين
ما يريدون لفسدت الخليقة، كما لجمهم بلجام الشرع والامر، ولو منعهم
جملة ولم يمكنهم ولم يقدرهم لتعطل الامر والشرع جملة، وانتفت (1)
حكمة البعثة والارسال والثواب والعقاب.
فأي حكمة فوق هذه الحكمة؟! و ي أمر أحسن مما فعله بهم؟!
ولو أعطى الناس هذا المقام بعض حقه لعلموا أنه مقتضد الحكمة
البالغة، والقدرة التامة، والعلم المحيط، وأنه غاية ا لحكمة.
ومن فتح له بفهم في القران راه من أوله إلى اخره، ينبه العقول على
هذا، ويرشدها إليه، ويدلها عليه، وأنه يتعا لى ويتنزه أن يكون هذا منه عبثا،
أو سدى، أو باطلا، أو بغير الحق، أو لا لمعنى ولا لداع وباعث، و ن مصدر
ذاك جميعه عن عزته وحكمته.
ولهذا كثيرا ما يقرن تعا لى بين هذين الاسمين (العزيز ا لحكيم) في
ايات التشريع والتكوين وا لجزاء؛ ليدل عباده على أن مصدر ذلك كله عن
حكمة بالغة، وعزة قاهرة (2).
(1) (ت):"فانتفت ".
(2) انظر: "مد رج السالكين " (1/ 36)، و"طريق الهجرتين " (0 23).
كما يقرن سبحانه بين الاسمين (العليم الحكيم) عند ذكر مصدر حلقه وشرعه.
نظر: " شفاء العليل " (1 6 5)، و" التبوكية " (9 7).
7 5 0 1

الصفحة 1057