كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

ففهم الموفقون عن الله عز وجل مراده وحكمته، وانتهوا إلى ما وقفوا عليه
ووصلت إليه أفهامهم وعلومهم، وردوا علم ما غاب عنهم من ذلك إلى أحكم
الحاكمين ومن هو بكل شيء عليم، وتحققوا بما علموه من حكمته التي بهرت
عقولهم ان لله في كل ما حلق و مر و ثاب وعاقب من الحكم البوالغ ما تقصر
عقولهم عن إدراكه، و نه تعا لى هو الغني ا لحميد، العليم ا لحكيم، فمصدر
خلقه و مره وثوابه وعقابه غناه وحمده وعلمه وحكمته، ليس مصدره مشيئة
مجردة وقدرة خالية من ا لحكمة والرحمة والمصلحة و 1 لغايات المحمودة
المطلوبة له خلقا و مرا، و نه سبحانه لا يسال عما يفعل؛ لكمال حكمته وعلمه
ووقوع أفعاله كلها على أحسن الوجوه وأ تمها على الصواب والسداد ومطابقة
ا لحكم، والعباد يسالون؛ إذ ليست أفعا لهم كذلك.
ولهذا قا ل خطيب الانبياء شعيب! ك! ي! * 1): < إني تو! ت على آلله ربت ورلبهم ما
من ابؤ إلا هو ءاخنما بضاصينهاج إن رب على صزفى مستقيم) [هود: 56]، فأخبر عن
عموم قدرته تعالى، و ن الخلق كلهم تحت تسخيره وقدرته، وأنه اخذ
بنواصيهم، قلا محيص لهم من نفوذ مشيئته وقدرته فيهم.
ثم عقب ذلك بالاخبار عن تصرفه فيهم، و نه بالعدل لا بالظلم،
وبالاحسان لا بالاساءة، وبالصلاح لا بالفساد، فهو يامرهم وينهاهم، إحسانا
إليهم وحماية وصيانة لهم، لا حاجة إليهم ولا بخلا عليهم، بل جودا وكرما
ولطفا وبرا، ويثيبهم إحسانا وتفصلا ورحمة، لا لمعاوضة واستحقاق منهم
(1) كذا قال المصنف رحمه الله. وهو وهم؛ فقائل هذا هود عليه السلام. ووقع كذلك في
"إعلام الموقعين " (1/ 62 1)، وأروضة المحبين " (96). وعلى الصواب في " زاد
ا لمعاد" (4/ 7 0 2)، و"ا لمدارج " (3/ 6 5 4)، وغيرها.
8 5 0 1

الصفحة 1058