كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

فإنه إذا أغرق أعداءه وأهلكهم وانتقم منهم كان هذا غاية ا لحكمة
والعدل والمصلحة، وإن أغرق أولياءه و هل طاعته فهو سبب من الاسباب
التي نصبها لموتهم وتخليصهم من الدنيا والوصول إلى دار كرامته ومحل
قربه، ولا بد من موت على كل حال، فاختار لهم أكمل الموتتين و نفعها لهم
في معادهم، ليوصلهم بها إلى درجانب عالبة لا تنال إلا بتلك الاسباب التي
نصبها الله موصلة إليها كإيصال سائر الاسباب إلى مسبباتها.
ولهذا سلط على أنبيائه وأوليائه ما سلط عليهم، من القتل و ذى الناس
وظلمهم لهم وعدوانهم عليهم، وما ذاك لهوانهم عليه ولا لكرامة أعدائهم
عليه، بل ذاك عين كرامتهم وهوان أعدائهم عليه وسقوطهم من عينه؛ لينالوا
بذلك ما حلقوا له من مساكنهم في دار الهوان، وينال أولياوه وحزبه ما هيىء
لهم من الدرجات العلى والنعيم المقيم؛ فكان تسليط أعدائه وأعدائهم
عليهم عين كرامتهم وعين هانة أعدائهم.
فهذا! ن بعض حكمه تعالى في ذلك، ووراء ذلك من الحكم ما لا تبلغه
العقول والافهام.
وكان إغراقه وإهلاكه و بتلاوه محض ا لحكمة والعدل في حق اعدائه
ومحض الاحسان والفضل والرحمة في حق أوليائه؛ فلهذا حسن منه.
ولعل الاغراق وتسليط القتل عليهم أسهل الموتتين (1) عليهم، مع ما
في ضمنه من الثواب العظيم، فيكون قد بلغ حسن آختياره لهم إلى أن خفف
عليهم الموتة، وأعاضهم (2) عليها أفضل الثواب؛ فإنه لا يجد الشهيد من
(1) (ت): " أهون الموتتين ".
(2) (ت): " وأعطا هم)].
1062

الصفحة 1062