كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
وليس يصح في الاذهان شيء إذا حتاج النهار إلى دليل (1)
س فما أبقى الله عز وجل حسنا إلا أمر به وشرعه، ولا قبيخا إلا نهى عنه
وحذر منه.
ثم إنه سبحانه أودع في الفطر والعقول الاقرار بذلك، فأقام عليها
الحجة من الوجهين، ولكن قتضت رحمته وحكمته أن لا يعذبها إلا بعد
إقامتها عليها برسله، وإن كانت قائمة عليها بما ودع فيها واستشهدها عليه
من الاقرار به وبوحدانيته و ستحقاقه الشكر من عباده - بحسب طاقتهم-
على نعمه، وبما نصب عليها من الادلة المتنوعة المستلزمة إقرارها بحسن
الحسن وقبح القبيح.
الوجه الحادي والأربعون: انا نذكر لكم وجها من الوجوه الدالة على
وجه الحسن في اصل التكليف والا يجاب، فنقول: لا ريب أن إلزام الناس
شريعة يا تمرون باو مرها التي فيها صلاجهم، وينتهون عن مناهيها التي فيها
فسادهم أحسن عند كل عاقل من تركهم هملا كالانعام، لا يعرفون معروفا
ولا ينكرون منكرا، وينزو بعضهم على بعض نزو لكلاب والحمر، ويعدو
بعضهم على بعض عدو السباع والكلاب والذئاب، ويأكل قويهم ضعيفهم،
ولا يعرفون الله، ولا يعبدونه، ولا يذكرونه، ولا يشكرونه، ولا يمجدونه (2)،
ولا يدينون بدين، بل هم من جنس الانعام السائمة.
ومن كابر عقله في هذا سقط الكلام معه، ونادى على نفسه بغاية
(1) البيت للمتنمي في ديوانه (334)، وروايته: "الافهام "، وفي نسخة: " الأوهام ".
(2) (ت): " يحمدونه "،
1067