كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

فمتعلق الحكمة شيء ومتعلق القدرة (1) شيء، ولكن أنتم إنما أتيتم من إنكار
الحكمة، فلا يمكنكم التفريق بين المتعلقين، بل قد عترف سلفكم
و ئمتكم بأن الحكمة لا تخرج عن صحة تعلق القدرة بالمقدور ومطابقته
لها أو تعلق العلم بالمعلوم ومطابقته له، ولما بنيتم على هذا الاصل لم
يمكنكم الفرق بين موجب الحكمة وموجب القدرة، فتوعرت عليكم
الطريق، وأ لجأتم أنفسكم إلى أصعب مضيق.
الوجه ا لخامس والأربعون: قولكم: "إنه تعالى لو ألقى إلى العبد زمام
الاختيار، وتركه يفعل ما يشاء، جريا على رسوم طبعه (2) المائل إلى لذيذ
الشهوات، ثم أجزل له في العطاء من غير حساب؟ كان أروح للعبد، ولم يكن
قبيحا عند العقل " (3).
فيقال لكم: ما تعنون بإلقاء زمام الاختيار إليه؟ أتعنون به أنه لا يكلفه
ولا يامره ولا ينهاه، بل يجعله كالبهيمة السائمة المهملة؟ ام تعنون به أنه
يلقي إليه زمام الاختيار مع تكليفه وأمره ونهيه؟
فإن عنيتم الاول، فهو من أقبح شيء في العقل و عظمه نقصا في
الادمي، ولو ترك ورسوم طبعه لكانت البهائم أكمل منه، ولم يكن مكرما
مفصلا على كثيرٍ ممن خلق الله تفضيلا، بل كان كئير من المخلوقات - او
أكئرها - مفصلا عليه، فانه يكون مصدودا عن كماله الذي هو مستعد له قابل
له، وذلك أسوأ حالا وأعظم نقصا مما منع كمالا ليس قابلا له.
(1) (ت): " ا لمقد ور ".
(2) (ت): "شؤم طبعه ". وكذا في الموضعين الاتيين.
(3) انظر: (ص: 983).
1071

الصفحة 1071