كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
وتأمل حال الادمي المخلى ورسوم طبعه، المتروك ودواعي هواه،
كيف تجده من شرارالخليقة و فسدها للعالم، ولولا من يأخذ على يديه
لاهلك ا لحرث والنسل، وكان شرا من ا لخنازير و لذئاب وا لحيات؛ فكيف
يستوي في العقل أمره ونهيه بما فيه صلاحه وصلاح غيره به، وتركه وما فيه
أعظم فساده وفساد النوع وغيره به؟! وكيف لا يكون هذا القول قبيحا؟! و ي
قبح أعظم من هذا؟!
ولهذا أنكر الله سبحانه على من جوز عقله مثل هذا، ونزه نفسه عنه،
فقال تعا لى: <أتحسبا لانسنن أن يزك سذى) [لقيامة: 36]، قال الشافعي: " معطلا،
لا يؤمر ولا ينهى ". وقيل: "لا يثاب ولا يعاقب " (1).
وقال تعالى: <أفحستنم ائما ظقنبهئم عبثا وأنكئم ابنا لا تزجعوبن)
[المؤمنون: 115]، ثم نزه نفسه عن هذا الظن الكاذب، وأنه لا يليق به، ولا
يجوز في العقول نسبة مئله إليه؛ لمناقاته لحكمته وربوبيته وإلهيته وحمده،
فقال: < فتفلى الله الملك الحق لا إلة إلا هو رث انعزش ال! ر! ص)
[المؤمنون: 16 1].
وقال تعالى: <وما فلقنا المش و لأرض وما ئثنهما لعبين! ما
نلقتهما إلا بالحق) [الدخان: 38 - 39]، وفسر الحق بالمواب والعقاب،
وفسر بالامر والنهي، وهذا تفسير له ببعض معناه؛ والصواب أن الحق هو
إلهيته وحكمته المتضمنة للخلق والامر و لثواب والعقاب، فمصدر ذلك
كله الحق، وبا لحق وجد، وبا لحق قام، وغايته الحق (2)، وبه قيامه، فمحال
(1) انظر ما تقدم (ص: 7 1، 76، 887).
(2) (ت): "وبا لحق قام، وللحق وجد، وا لحق سببه وغايته ".
72 0 1