كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
الرب تعا لى مما نزه نفسه عنه، و نه لا يمدح أحد بتنزيهه. عن هذا، ولا يكون
المنزه به مثنيا ولا حامدا، ولم يخطر هذا بقلب بشر حتى ينكره الله على من
زعمه ونسبه إليه.
وقال تعالى: <وما خلقنا لمت والأرض وما بيها لعبين! ما
ظقتهما لا بالحق) [الدخان: 38 - 39]، فنفى اللعب عن خلقه، و ثبت انه
إنما حلقهما بالحق، فجمع تعالى بين نفي اللعب الصادر عن غير حكمة
وغاية محمودة، وإثبات الحق المتضمن للحكم والغايات المحمودة
و لعواقب المحبوبة.
والقران مملوء من هذا، بنفي العبث والباطل واللعب تارة، وتنزيه الرب
نفسه عنه تارة، واثبات ا لحكم الباهرة في خلقه تارة.
فكيف يجوز أن يقال: إنه لو عطل حلقه وتركهم سدى لم يكن ذلك
قبيحا في العقل؟!
فان عنيتم أنه يلقي إليه زمام الاختيار مع أمره ونهيه، فهذا حق؛ فانه
جعله مختارا مأمورا منهيا، وان كان اختياره مخلوقا له تعا لى، إذ هو من
جملة ا لحوادث الصادرة عن خلقه، ولكن هذا الاختيار لا ينا في التكليف،
ولا يكون بوجه (1)، بل لا يصح التكليف إلا به.
الوجه السادس وا لأربعون: قولكم: "فقد تعارض ا لأمران:
(1) اي: لا يكون منافئا بوجه. وفي (ق): "إلا بوجه ". وهو خطا. وفي طرة (د): " لعله:
ولا يكون الأمر بوجه ".
1074