كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
أحد هما: أن يكلفهم؛ فيامر وينهى حتى يطاع ويعمى، ثم يثيبهم
ويعاقبهم.
الثا ني: أن لا يكلفهم؛ اذ لا يتزين منهم بطاعة، ولا تشينه معصيتهم.
واذا تعارنر في ا لمعقول (1) هذان الأمران، فكيف يهتدي العقل إ لى
ختيار أحد هما حقا؟! فكيف يعرفنا الوجوب على نفسه با لمعرفة، وعلى
الجوارح بالطاعة، وعلى الرب تعا لى بالثواب؟! " (2).
فيقال لكم: لم يتعارض بحمد الله الامران؛ لان أحدهما قد علم قبحه
في المعقول، والاخر قد علم حسنه في المعقول، فكيف يتعارض في العقل
جواز الامرين، وأن تكون نسبتهما إلى الرب تعا لى نسبة واحدة؟! وإنما
تتعارض الجائزات على حد (3) سواء، بحيث لا يترجح بعضها على بعض،
فأما لحسن والقيح فلم يتعارض في العقل قط ستواؤهما.
وقد قررنا بما لا مدفع له قبح الترك سدى بمنزلة الانعام السائمة،
وحسن الامر والنهي واستصلاحهم في معاشهم ومعادهم، فكيف يقال: إ ن
هذين الامرين سواء في العقل بحيث يتعارضا فيه ويقضي باستوائهما بالنسبة
إ لى أحكم الحاكمين؟!
فان قيل: إنما تعارضا في المقدورية؛ إذ نسبة القدرة إليهما واحدة.
قلنا: قد تقدم أنه لا يلزم من كون الشئ مقدورا أن لا يكون ممتنعا
(1) في الموضع الماضي (ص: 984)، والاتي (ص: 92 0 1): " العقول ".
(2) انظر: (ص: 984).
(3) في الاصول: "كل ". وهو تحريف.
1075