كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
لمنافاته الحكمة؛ وقد بينا ذلك قريبا (1)، فيكون تركهم هملا وسدى مقدورا
للرب تعا لى لا يقتضي معارضته لمقدوره الاخر من تكليفهم وأمرهم
ونهيهم.
الوجه الساببع والاربعون: قولكم: "إذ لا يتزين منهم بطاعة ولا تشينه
معصيتهم ".
قلنا: ومن الذي نازع في هذا؟! ولكن حسن التكليف لا ينفي ذلك عن
الرب تعا لى، و نه إنما يكلفهم تكليف من لا يبلغوا ضره فيضروه ولا
يبلغوا (2) نفعه فينفعوه، وأنهم لو كانوا كلهم على أتقى قلب رجل و حد
منهم ما زاد ذلك في ملكه شيئا، ولو كانوا على أفجر قلب رجل واحد منهم
ما نقص ذلك من ملكه شيئا.
وهاهنا ختلفت الطرق بالناس في علة التكليف وحكمته، مع كونه
سبحانه لا ينتفع بطاعتهم، ولا تضره معصيتهم:
* فسلكت الجبرية مسلكها المعروف، وأن ذلك صادر عن محض
المشيئة وصرف الارادة، وانه لا علة له ولا ما يحث عليه سوى محض
الإرادة.
* وسلكت القدرية مسلكها المعروف، وهو أن ذلك استئجار منه
لعبيده، لينالوا أجرهم بالعمل، فيكون ألذ من قتضائهم الثواب بلا عمل، لما
فيه من تكدير المنة.
(1) (ص:1070).
(2) كذا في الاصول، بحذف النون.
1076