كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
والمسلكان كما ترى! وحسبك ما يدل عليه العقل الصريح والنقل
الصحيح من بطلانهما وفسادهما.
* وليس عند الناس غير هذين المسلكين إلا مسلك من هو خارج عن
الديانات وأتباع الرسل، ممن يرى أن الشرائح وضعت نواميس تقوم عليها
مصلحة الناس ومعيشتهم، وأن فائدتها تكميل قوة الئفس العملية
وارتياضها، لتخرج عن شبه الانعام، فتصير مستعدة لان تكون محلا لقبول
الفلسفة العليا والحكمة.
وهذا مسلك خارج عن مناهج الانبياء وأ ممهم (1).
* وأما أتباع الرسل الذين هم أهل البصائر، فحكمة الله عز وجل في
تكليفهم ما كلفهم به أعظم وأجل عندهم مما يخطر بالبال، أو يجري به
المقال، ويشهدون له سبحانه في ذلك من ا لحكم الباهرة والاسرار العظيمة
أكثر مما يشهدونه في مخلوقاته وما تضمنته من الاسرار والحكم.
ويعلمون - مع ذلك - انه لا نسبة لما اطلعهم سبحانه عليه من ذلك إ لى
ما طوى علمه عنهم واستأثر به دونهم، وأن حكمته في أمره ونهيه وتكليفهم
أجل وأعظم مما تطيقه عقول البشر، فهم يعبدونه سبحانه بأمره ونهيه لانه
تعا لى أهل ان يعبد، وأهل ان يكون الحب كله له، والعبادة كلها له، حتى لو
لم يخلق جنة ولا نارا، ولا وضع ثوابا ولا عقابا؛ لكان اهلا ان يعبد أقصى ما
تناله قدرة خلقه من العبادة.
وفي بعض الاثار الإلهية: "لو لم أحلق جنة ولا نارا أ لم أكن أهلا ا ن
(1) وهو مسلك الفلاسفة.
1077