كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
ولم يحمدوه ولم يا لهوه، فهو الله الذي لا إله إلا هو قبل أن يخلقهم وبعد ا ن
خلقهم وبعد أن يفنيهم، لم يستحدث بخلقه لهم ولا بامره إياهم ستحقاق
الإلهية و لحمد، بل إلهيته وحمده ومجده وغناه أوصاف ذاتية له يستحيل
مفارقتها له، كحياته (1) ووجوده وقدرته وعلمه وسائر صفات كماله.
فأولياوه وخاصته وحزبه لما شهدت جمقو لهم وفطرهم أنه أهل أن يعبد
وإن لم يرسل إليهم رسولا ولم ينزل عليهم كتابا، ولو لم يخلق جنة ولا
نارا= علموا أنه لا شيء في العقول والفطر أحسن من عبادته، ولا أقيح من
الاعراض عنه.
وجاءت الرسل و نزلت الكتب بتقرير ما ستودع سبحانه في الفطر
والعقول من ذلك، وتكميله، وتفصيله (2)، وزيادته حسنا إلى حسنه.
فاتفقت شريعته وفطرته، وتطابقا وتوافقا، وظهر أنهما من مشكاة
واحدة.
فعبدوه وأحبوه ومجدوه و حمدوه بداعي الفطرة وداعي الشرع وداعي
العقل، فاجتمعت لهم الدواعي ونادتهم من كل جهة، ودعتهم إلى وليهم
وإلههم وفاطرهم، فأقبلوا إليه بقلوب سليمة لم يعارض خبره عندها شبهة
توجب ريبا وشكا، ولا أمره شهوة توجب رغبتها عنه وإيثارها سواه.
فأجابوا دواعي المحبة والطاعة إذ نادت بهم: حي على الفلاح، وبذلوا
أنفسهم في مرضاة مولاهم الحق بذل أخي السماح، وحمدوا عند الوصول
(1) (ق، ت): " لحيا ته ". تحريف.
(2) (د، ق): " وتفضيله "، با لمعجمة. وهو تحريف.
0 8 0 1