كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
وقد قام النبي! ي! حتى تفطرت قدما 5، فقيل له: تفعل هذا وقد غفر لك
ما تقدم من ذنبك وما تاخر؟! قال: "أفلا أكون عبدا شكورا؟ " (1)، و قتصر
! ي! من جوابهم على ما تدركه عقولهم، وتناله أفهامهم، وإلا فمن المعلوم
أن باعثه على ذلك الشكر امر يجل عن الوصف، ولا تناله العبارة ولا
ا لاذهان.
فأين هذا الشهود من شهود طائفة القدرية وا لجبرية؟!
فليعرض العاقل اللبيب ذينك المشهدين على هذا المشهد، ولينظر ما
بين الامرين من التفاوت.
فادده سبحانه يعبد ويحمد ويحب لانه أهل لذلك ومستحقه، بل ما
يستحقه سبحانه من عباده أمر لا تناله قدرتهم ولا إرادتهم، ولا تتصوره
عقولهم، ولا يمكن أحد (2) من خلقه قط أن يعبده حق عبادته، ولا يوفيه حقه
من المحبة و لحمد.
ولهذا قال أفضل خلقه و كملهم و عرفهم به وأحبهم إليه و طوعهم له:
"لا أحصي ثناء عليك " (3)، وأخبر أن عمله! ي! لا يستقل بالنجاة، فقال: "لن
ينجي أحدا منكم عمله "، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: "ولا أنا الا أ ن
يتغمدني الله برحمة منه وفصل " (4). فصلوات الله وسلامه عليه عدد ما حلق
في السماء، وعدد ما خلق في الارض، وعدد ما بينهما، وعدد ما هو خالق.
(1) اخرجه البخاري (0 13 1)، ومسلم (9 281) من حديث المغيرة بن شعبة.
(2) كذا ضبطها ابن بردس في (د) بالرفع. كأنه على تضمين: يقدر، او يستطيع.
(3) اخرجه مسلم (486) من حديث عائشة.
(4) أخرجه البخاري (6467)، ومسلم (6 281) من حديث عائشة.
83 0 1