كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
وفي الحديث المرفوع المشهور أن من الملائكة من هو ساجا لله لا
يرفع راسه منذ خلق، ومنهم راكع لا ير رأسه من الركوع منذ خلق إلى يوم
القيامة، وأنهم يقولون يوم القيامة: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك (1).
ولما كانت عبادته تعا لى تابعة لمحبته واجلاله، وكانت المحبة
نوعان (2): محبة تنشأ عن الانعام و لاحسان، فتوجب شكرا وعبودية بحسب
كمالها ونقصانها، ومحبة تنشأ عن جمال المحبوب وكماله (3)، فتوجب
عبودية وطاعة أكمل من الاو لى = كان الباعث على الطاعة والعبودية لا
يخرج عن هذين النوعين.
و ما ن تقع الطاعة صادرة عن خوف محض غير مقرون بمحبة، فهذا
قد ظنه كثير من المتكلمين، وهي عندهم غاية العارف (4)، بناء على أصلهم
الباطل: أن الله لا تتعلق المحبة بذاته، وإنما تتعلق بمخلوقاته مما هو في
ا لجنة من النعيم؛ فهم لا يحبونه لذاته وكماله ولا لاحسانه، وينكرون محبته
لذلك، وإنما المحبوب عندهم في الحقيقة غيره.
(1) ارج محمد بن نصر في " تعظيم قدر الصلاة " (0 26)، وابو الشيخ الاصبهاني في
" العظمة " (5 1 5)، وغيرهما من حديث رجل من اصحاب النبي لمجهد.
قال ابن كثير في " التفسير" (8/ 3662): " وهذا إسناد لا بأس به ".
وروي نحوه من حديث جابر وعبد الله بن عمرو.
(2) كذا في الاصول. بالالف.
(3) (ت): " ومحبة تنشا عن كمال المحبوب ".ـ
(4) (ق): 9 المعارف ". وكلا هما محتمل. وانظر: " الصواعق المرسلة " (58 1)، و"مدارح
السالكين " (3/ 4 2 1، 5 0 5).
1084