كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

فرجعت العبودية كلها إلى مقتضى الاسماء و لصفات، وارتبطت بها
ارتباط الخلق بها؛ فخلقه سبحانه و مره هو موجب أسمائه وصفاته في
العالم واثارها ومقتضاها، لا أنه يتزين من عباده بطاعتهم، ولا تشينه
معصيتهم.
وتأمل قوله ع! يم في الحديث الصحيح الذي يرويه عن ربه تبارك
وتعا لى: "يا عبادي، انكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي
0 0 0 (1).
". يي) "، دكر هذا عقب قوله: " يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل
والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم) ".
فتضمن ذلك أن ما يفعله تعا لى بهم، من غفران زلاتهم، واجابة
دعوا تهم، وتفريج كرباتهم؛ ليس لجلب منفعة منهم، ولا لدفع مضرة
يتوقعها منهم، كما هو عادة المخلوق الذي ينفع غيره ليكافثه بنفع مثله، ا و
ليدفع عنه ضررا.
فالرث تعا لى لم يحسن إلى عباده ليكافئوه، ولا ليدفعوا عنه ضررا؛
فقال: "لن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضري فتضرو ني "؛ إ ني (2)
لست إذا هديت مستهديكم، و طعمت مستطعمكم، وكسوت مستبكسيكم،
و رويت مستسقيكم، وكفيت مستبكفيكم، وغفرت لمستغفركم= بالذي
أطلب منكم أن تنفعو ني، أو تدفعوا عني ضررا، فإنكم لن تبلغوا ذلك، وأنا
الغني الحميد.
(1) أخرجه مسلم (577 2) من حديث ابي ذر.
(2) (ت): "وا ني ". وانظر: " مجموع الفتاوى " (18/ 93 1).
87 0 1

الصفحة 1087