كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

كيف وا لخلق عاجزون عما يقدرون عليه من الافعال إلا بإقداره
وتيسيره وخلقه، فكيف بما لا يقدرون عليه؟!
فكيف يبلغوا (1) نفع الغني الصمد الذي يمتنع في حقه أن يستجلب من
غيره نفعا و يستدفع منه ضررا، بل ذلك مستحيل في حقه؟!
ثم ذكر بعد هذا قوله: " يا عبادي، لو أن أولكم واخركم وانسكم وجنكم
كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، ولو أ ن
أولكم واخركم وإنسكم وجننبم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما
نقص ذلك من ملكي شيئا"؛ فبين سبحانه ان ما امرهم به من الطاعات، وما
نهاهم عنه من السيئات، لا يتضمن ستجلاب نفعهم، ولا ستدفاع ضررهم؛
كأمر السيد عبده، والوالد ولده، والامام رعيته، بما ينفع الامر والمأمور،
ونهيهم عما يضر الناهي والمنهي؛ فبين تعا لى أنه المنزه عن لحوق نفعهم
وضرهم به، في إحسانه إليهم بما يفعله بهم، وبما يأمرهم به.
ولهذا لما ذكر الاصلين بعد هذا، وأن تقواهم وفجورهم الذي هو!
طاعتهم ومعصيتهم لا يزيد في ملكه شيئا ولا ينقصه، وأن نسبة ما يسالونه
كلهم إياه فيعطيهم إلى ما عنده كلا نسبة؛ فتضمن ذلك أنه لم يأمرهم ولم
يحسن إليهم بإجابة الدعوات، وغفران الزلات، وتفريج الكربات،
لاستجلاب منفعة، ولا لاستدفاع مضرة، و نهم لو اطاعوه كفهم لم يزيدوا
في ملكه شيئا، ولو عصوه كلهم لم ينقصوا من ملكه شيئا، و نه الغنيئ
الحميد.
(1) كذا في الاصول. بحذف النون.
1088

الصفحة 1088