كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
له بعقولهم، وحرموا عليه الخروج عنه، وشبهوه في ذلك كله (1). وبدعهم
في ذلك سائر الطوائف، وسفهوا رأ يهم فيه، وبينوا مناقضتهم، وألزموهم بما
لا محيد لهم عنه.
* ونفت الجبرية أن يجب عليه ما أوجبه على نفسه ويحرم عليه ما
حرمه على نفسه، وجوزوا عليه ما يتعا لى ويتنزه عنه وما لا يليق بجلاله مما
حرمه على نفسه، وجوزوا عليه ترك ما اوجبه على نفسه مما يتعا لى ويتنزه
عن تركه وفعل ضده.
فتباين الطائفتان أعطم تباين.
* وهدى الله الذين آمنوا - أهل السنة الوسط - للطريقة المثلى التي جاء
بها رسوله، ونزل بها كتابه، وهي أن العقول البشرية - بل وسائر المخلوقات
- لا توجب على رئها شيئا ولا تحرمه، وأنه يتعالى ويتنزه عن ذلك، و ما ما
كتبه على نفسه وحرمه على نفسه فانه لا يخل به، ولا يقع منه خلافه، فهو
إ يجاب منه على نفسه بنفسه، وتحريم منه على نفسه بنفسه، فليس فوقه
تعا لى موجب ولا محرم. وسيأ تي إن شاء الله تعا لى بسط ذلك وتقريره (2).
الوجه الحادي وا لخمسون: قولكم: "إنه على أصول المعتزلة يستحيل
الأمر والنهي والتكليف " (3)، وتقريركم ذلك = فكلام لا مطعن فيه، والامر
فيه كما ذكرتم، وأن حقيقة قول القوم أنه لا امر ولا نهي ولا شرع اصلا؛ إ ذ
(1) اي: بخلقه. تعا لى الله عن ذلك علوا كبيرا.
(2) انظر: (ص: 136 1).
(3) نظر: (ص: 984).
1094