كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
ذلك إنما يصح إذا ثبت قيام الكلام بالمرسل الامر الناهي وقيام الاقتضاء
والطلب والحب لما أمر به والبغض لما نهى عنه.
فاما إذا لم يثبت له كلام ولا إرادة ولا قتضاء ولا طلب ولا حب ولا
بغض قائم به، فانه لا يعقل أصلأ كونه امرا ولا ناهيا، ولا باعثا للرسل، ولا
محبا للطاعة باغضا للمعصية.
فأصول هذه الطائفة تعطل الصانع إ 1) عن صفات كماله، فانها تستلزم
إبطال الرسالة والنبوة جملة، ولكن رب لازيم لا يلتزمه صاحب المقالة،
ويتناقض في القول بملزومه دون القول به، ولا ريب أن فساد اللازم مستلزم
لفساد الملزوم.
ولكن يقال لكم معاشر الجبرية: لا تكونوا ممن يرى القذاة في عين
أخيه ولا يرى ا لجذع المعترض في عينه، فقد ألزمتكم القدرية ما لا محيد
لكم عنه، وقالوا: من نفى فعل العبد جملة فقد عطل الشرائع و لامر والنهي؛
فان الامر والنهي لا يتعلق إلا بالفعل المأمور به، فهو الذي يؤمر به وينهى
عنه، ويثاب عليه ويعاقب، فإذا نفيتم فعل العبد فقد رفعتم متعلق الامر
والنهي، وفي ذلك إبطال الامر والنهي، فلا فرق بين رفع المامور به المنهي
عنه ورفع ا لمأمور المنهي نفسه؛ فان الامر يستلزم امرا ومأمورا به، ولا تصح
له حقيقة إلا بهذه الثلاث.
(1) في الاصول: " الصفات ". ولعل الصواب ما اثبت. انظر: االصواعق المرسلة"
(9 81، 1 1 1 1، 1 2 1 1)، و" شفاء العليل " (47 4)، و" مدارج السالكين " (1/ 26).
5 9 0 1