كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

ومعلوم أن أمر الامر أغيره] (1) بفعل نفسه ونهيه عن أفعل] (2) نفسه
يبطل التكليف جملة؛ فإن التكليف لا يعقل معناه إلا إذا كان المكلف قد
كلف بفعله [الذي] هو المقدور له، التابع لإرادته ومشيئته.
وأما إذا رفعتم ذلك من البين (3)، وقلتم: بل هو مكلف بفعل الله حقيقة،
لا يدخل تحت قدرة العبد، ولا هو متمكن من الاتيان به، ولا هو واقع
بإرادته ومشيئته؛ فقد نفيتم التكليف جملة من حيث أثبتموه، وفي ذلك
إبطال للشرائع والرسالة جملة.
قالوا: فليتامل المنصف الفطن - لا البليد المتعصب - صحة هذا
الالزام، فلن يجد عنه محيدا.
قالوا: فأنتم معاشر الجبرية قدرية من حيث نفيكم (4) الفعل المأمور به،
فإن كان خصومكم قدرية من حيث نفوا تعلق القدرة القديمة، فأنتم أولى أ ن
تكونوا قدرية من حيث نفيتم فعل العبد له، وتأثيره فيه، وتعلقه بمشيئته،
فأنتم أثبتم قدرا على الله وقدرا على العبد:
* أما القدر على الله، فحيث زعمتم أنه تعا لى يأمر بفعل نفسه، وينهى
عن فعل نفسه. ومعلوم أن ذلك لا يصلح أن يكون مأمورا به منهيا عنه، فأثبتم
أمرا ولا مامور به، ونهيا ولا منهي عنه. وهذه قدرية محضة في حق الرب.
(1) زيادة توضيحية. وانظر: "شفاء العليل " (6 2 2، 2 1 4، 13 4).
(2) ساقطة من الاصول. وهي لازمة. وستا تي العبارة على الصو ب.
(3) أي: الوسط.
(4) (ت): " نفيتم ".
1096

الصفحة 1096