كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
* وأما في حق العبد، فانكم جعلتموه مأمورا منهيا من غير أن يكون له
فعل يؤمر به وينهى عنه. فافي قدرية أبلغ من هذه؟!
فمن الذي تضمن قوله إبطال الشرائع وتعطيل الأوامر؟!
فليتنبه اللبيب لمواقع (1) هذه المساجلة، وسهام هذه المناضلة، ثم
ليختر منهما إحدى خطتين، ولا والله "ما فيهما حظ لمختار" (2).
ولا ينجو من هذه الورطات إلا من أثبت كلام الله القائم به، المتضمن
لامره ونهيه ووعده ووعيده، وأثبت له ما ثبت لنفسه من صفات كماله، ومن
الامور الثبوتية القائمة به، ثم أثبت مع ذلك قعل العبد واختياره ومشيئته
وارادته التي هي مناط الشرائع ومتعلق الأمر والنهي، فلا جبرفي ولا جهمي
ولا قدري.
وكيف يختار العاقل آراء ومذاهب هذه بعض لوازمها؟! ولو صابرها
إ لى آخرها لاستبان له من فسادها وبطلانها ما يتعجب معه من قائلها
ومنتحلها، والله الموفق للصواب.
الوجه الثا ني وا لخمسون: قولكم: "إنه ما من معنى يستنبط من قول أو
فعل ليربط به معنى مناس! ث له إلا ومن حيث العقل يعارضه معنى آخر يساويه
في الدرجة أو يفضل عليه في ا لمرتبة، فيتحير العقل في الاختيار، إلى أن يرد
شرع يختار أحد هما أو يرجحه من تلقائه، فيجب على العاقل اعتباره
(1) في الاصول: " لمواقعة ". وهو تحريف.
(2) اقتباس من قول الاعشى:
فقال: ئدر وغدر انت بينهما
1097
فاختر، وما فيهما حط لمختار