كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
خفاء تلك الاوصاف على بعض العقلاء، ودقتها، وعجز الحس والعقل عن
تمييزها ومعرفة مقاديرها والنسب الواقعة بين كيفيا تها وطبائعها.
ولم يكن هذا الاختلاف بموجب عند احد من العقلاء إنكار جملة
العلم وجمهور قواعده ومسائله، ودعوى أنه ما من وصف يستنبط من دواء
مفرد أو مركب أو من غذاء إلا وفي العقل ما يعارضه فيتحير العقل! ولو
آدعى هذا مدع لضحك منه العقلاء، بما علموه بالضرورة والحس من
ملاءمة الاوصاف ومنافرتها، واقتضاء تلك الذوات للمنافع والمضار في
الغالب، ولا يكون آختلاف بعض العقلاء يوجب إنكار ما علم بالضرورة
وا لحس. فهكذا الشرائع.
الوجه الئالث وا لخمسون: إن قولكم: " إذا قتل إنسان إنسانا مثله عرض
للعقل هاهنا اراء متعارضة مختلفة ... " (1) إلى اخره.
فيقال: إن أردتم أن العقل يسوي بين ما شرعه الله من القصاص وبين
تركه لمصلحة ا لجاني، فبهت للعقل وكذب عليه؛ فانه لا يستوي عند عاقل
قط حسن الاقتصاص من الجاني بمثل ما فعل وحسن تركه و لاعراض عنه،
ولا يعلم عقل صحيح يسوي بين الامرين.
وكيف يستوي أمران: أحدهما يستلزم فساد النوع، وخراب العا لم،
وترك الانتصار للمظلوم، و تمكين الجناة من البغي والعدوان. والثا ني
يستلزم صلاح النوع، وعمارة العا لم، والانتصار للمظلوم، وردع الجناة
والبغاة والمعتدين؟!
(1) انظر: (ص: 986).
1100