كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

قلنا: يحيا به عد؟ كثير من الناس؛ إذ لو ترك ولم يؤخذ على يديه لاهلك
الناس بعضهم بعضا، فإن لم يكن في قتل الثاني حياة للأول، ففيه حياة
للعالم، كما قال تعا لى: < ولكم فى القصاص حيوة لاؤلى ا لأ نباب >، ولكن
هذا المعنى لا يدركه حق الإدراك إلا ولو الالباب.
فأين هذه الشريعة وهذه الحكمة وهذه المصلحة من هذا الهذيان
الفاسد، و ن يقال: قتل ا لجا ني إتلاف بإزاء إتلاف، وعدوان في مقابلة
عدوان، فيكون قبيحا لولا الشرع؟!
فوازن بين هذا وبين ما شرعه الله وجعل مصالح عباده منوطة به.
وقولكم: "فيه تكثير ا لمفسدة بإعدام النقسين ".
فيقال: لو أعطيتم رتب المصالح والمفاسد حقها لم ترتضوا بهذا
الكلام الفاسد؛ فان الشرائع والفطر والعقول متفقة على تقديم المصلحة
الراجحة، وعلى ذلك قام العالم، وما نحن فيه كذلك؛ فانه احتمال لمفسدة
إتلاف ا لجا ني إلى هذه المفسدة العامة. فمن تحير عقله بين هاتين
المفسدتين فلفساد فيه!
والعقلاء قاطبة متفقون على انه يحسن إتلاف جزء لسلامة كل؛ كقطع
الإصبع أو اليد المتأكلة لسلامة سائر البدن، وكذلك يحسن الإيلام لدفع
إيلام أعظم منه؛ كقطع العروق وبط الخراج (1) ونحوه، فلو طرد العقلاء
قياسكم هذا الفاسد، وقالوا: هذا إيلام متحقق لدفع إيلام متوهم، لفسد
البدن جملة. ولا فرق عند العقول بين هذا وبين قياسكم في الفساد.
(1) بط ا لجرح: شقه. والخراج (كالغراب): ورم يخرج في البدن. " للسان ".
5 0 1 1

الصفحة 1105