كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
ورد هؤلاء الوجوب والتحريم الذي جاءت به النصوص إلى مجرد
صدق المخبر، فما أخبر بأنه يكون فهو واجب؛ لتصديق خبره، وما أخبر أنه
لا يكون فهو ممتنع؛ لتصديق خبره. فالوجوب والتحريم عندهم راجع إ لى
مطابقة (1) العلم لمعلومه، والمخبر لخبره.
وقد يفسرون التحريم بالامتناع عقلا، كتحريم الظلام على نفسه؛ فإنهم
يفسرون الظلم بالمستحيل لذاته، كا لجمع بين النقيضين، وليس عندهم في
المقدور شيء هو ظلم يتنزه الله عنه مع قدرته عليه، لغناه وحكمته وعدله.
فهذا قول هؤلاء.
والفرقة الثالثة هم الوسط بين هاتين الفرقتين:
فإن الفرقة الاولى أوجبت على الله شريعة بعقولها، وحرمت عليه
وأوجبت ما لم يحرمه على نفسه ولم يوجبه على نفسه.
والفرقة الثانية جوزت عليه ما يتعا لى ويتنزه عنه؛ لمنافاته حكمته
وحمده وكماله.
والفرقة الوسط أثبتت له ما ثبته لنفسه من الا يجاب و لتحريم الذي هو
مقتضى أسمائه وصفاته، الذي لا يليق به نسبته إلى ضده؛ لانه موجب كماله
وحكمته وعدله، ولم تدحله تحت شريعة وضعتها بعقولها كما فعلت الفرقة
الاولى، ولم تجوز عليه ما نزه نفسه عنه كما فعلته الفرقة الثانية.
قالت الفرقة الوسط: قد اخبر تعالى أنه حرم الظلم على نفسه، كما قال
(1) من قوله: "خبره وما اخبر. .. ! إلى هنا ساقط من (ق).
4 2 1 1